تابع
إصرار الإمام على زيادة ركعة
السؤال : إذا قام الإمام بعد إتمام الصلاة وقبل السلام وهم ليأتي بركعة زائدة على الصلاة واستدرك المأمومون ذلك ونبهوه بقول : سبحان الله ، ولكنه مع ذلك أصر على الوقوف للزيادة ؛ فما حكم ذلك؟ وماذا يعمل المأمومون بعد قيامه؟
الجواب : الحمد لله "الواجب على المأمومين التنبيه والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء) ، فالواجب على الإمام إذا نبهوه أن يرجع إلا إذا كان يعتقد أنه مصيب وأنهم مخطئون ، فإنه يعمل بصواب نفسه وباعتقاده ، ويستمر حتى يكمل الصلاة باعتقاده ، والذين نبهوه إن كانوا متيقنين أنه غلطان وأنه مخطئ لا يقومون معه بل يجلسون يقرءون التحيات ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعون وينتظرونه حتى يسلموا معه ؛ لأنه معذور وهم معذورون ، هم معذورون باعتقادهم أنه مخطئ وهو معذور باعتقاده أنه مصيب وأنهم مخطئون ، فكل منهما معذور لاجتهاده وتيقنه بزعمه صواب نفسه فإذا سلم سلموا معه .
أما إن كان ما عنده يقين فالواجب أن يرجع إذا كان من نبهه اثنين فأكثر ، عليه أن يرجع إذا كان ليس عنده يقين ، إنما ظن ، فإنه يرجع كما رجع النبي صلى الله عليه وسلم لقول ذي اليدين لما نبهه وسأل الناس وصوبوا ذا اليدين رجع النبي صلى الله عليه وسلم وأتم صلاته ، ولم يعمل بقول ذي اليدين لأنه واحد ، فالواحد لا يلزم الرجوع إليه ، إلا إذا اعتقد الإمام أنه مصيب رجع ، أما إذا كان المنبه اثنين فإنه يرجع لقولهما ويبني على قولهما ويدع ظنه ، هكذا الواجب ، وأما المأمومون فإنهم لا يتابعونه على الخطأ في الزيادة ولا في النقص ، إن كان فيه زيادة فيجلسون حتى يسلم ويسلموا معه ، وإن كان هناك نقص ولم يمتثل وجلس في الثالثة من الظهر مثلاً أو العشاء أو العصر ، أو جلس في الأولى من الفجر أو الجمعة ولم يطعهم فإنهم يقومون يكملون صلاتهم ويتمونها ويخالفونه لأنه أخطأ في اعتقادهم" انتهى .
حكم الصلاة مع تشمير البنطلون
السؤال : هل يجوز أداء الصلاة بالبنطال المطوي )المكفوت) من أسفله؟ وهل ينطبق الحكم على المرأة؟
الجواب :الحمد لله
أولاً :
جاءت الأحاديث بالنهي عن كفت الثوب في الصلاة .
فروى البخاري (812) ومسلم (490) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ : عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ) .
وكفت الثوب أو الشعر : جمعه وضمه لئلا يقع على الأرض عند السجود .
قال النووي :
" اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى النَّهْي عَنْ الصَّلَاة , وَثَوْبه مُشَمَّر أَوْ كُمّه أَوْ نَحْوه ... فَكُلّ هَذَا مَنْهِيّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاء , وَهُوَ كَرَاهَة تَنْزِيه فَلَوْ صَلَّى كَذَلِكَ فَقَدْ أَسَاءَ وَصَحَّتْ صَلَاته , وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيّ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاء ، وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر الْإِعَادَة فِيهِ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ" انتهى .
وقال في "تحفة المنهاج" (2/161-162) :
"ويكره للمصلي (كَفُّ شَعْرِهِ) بِنَحْوِ عَقْصِهِ أَوْ رَدِّهِ تَحْتَ عِمَامَتِهِ (أَوْ ثَوْبِهِ) بِنَحْوِ تَشْمِيرٍ لِكُمِّهِ أَوْ ذَيْلِهِ" انتهى .
وعلى هذا ؛ فطي البنطلون وتشميره مكروه في الصلاة .
ثانياً :
جاءت الأحاديث بالنهي عن إسبال الثياب وإطالتها أسفل الكعبين .
فقد روى البخاري (5787) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ) .
وروى أبو داود (4084) عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
فلا يجوز للرجل أن يطيل ثوبه حتى ينزل أسفل من الكعبين .
فإن أصَرَّ على الإسبال وأراد أن يصلي بهذا البنطلون ، فإن أبقاه على حاله صلى مسبلاً ، وإن شمره ليكون فوق الكعبين صَلَّى وهو كافت ثوبه ، وحينئذ يتعارض عندنا نهيان : النهي عن الإسبال ، والنهي عن تشمير الثوب في الصلاة ، ولا شك أن حكم الإسبال أشد ، فإنه كبيرة من كبائر الذنوب ، وأما تشمير الثياب في الصلاة فهو مكروه ، فعند التعارض يقدم الأهم ، وهو اجتناب الإسبال ، وحينئذ يشمر البنطلون حتى يكون فوق الكعبين .
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن السحيم :
أقوم بكف بنطلوني في الصلاة كي لا أكون مسبلا ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كف الثوب في الصلاة ، فهل هذا يكون كفاً للبنطلون ؟ وما حكم ذلك ؟
فأجاب :
"إذا كان البنطلون أو السروال تحت الكعبين فإنه يجب رفعه ، سواء في الصلاة أو في غيرها ، بل لا يجوز أن يمسّ الكعب ، لقوله عليه الصلاة والسلام : (موضع الإزار إلى أنصاف الساقين والعَضَلة ، فإن أبَيْتَ فأسفل ، فإن أبَيْتَ فمن وراء الساق ، ولا حَقّ للكعبين في الإزار) . رواه الإمام أحمد والنسائي .
وكَفْت السراويل لا يدخل في النهي ؛ لأن رفع الإزار عن الكعبين مطلب شرعي ، بل هو واجب ، والنهي عن كفّت الثوب أو الشعر نَهْي كراهة " انتهى ملخصا .
ثالثاً :أما صلاة المرأة بالبنطلون المطوي : فإن المرأة تنهى عن الصلاة في البنطلون ، سواء كان مطويا أو غير مطوي . فإن خالفت وصلت بالبنطلون فالصلاة في حد ذاتها صحيحة . قال النووي رحمه الله في المجموع (3/176) : " فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوها صحت الصلاة فيه لوجود الستر ، وحكي الدارمي وصاحب البيان وجها أنه لا يصح إذا وصف الحجم ، وهو غلط ظاهر " انتهى .
وإذا صلت المرأة في البنطلون فإنها لا تشمره ، لأنه لا حاجة إلى ذلك ، لأن المطلوب منها أن تستر ظهور قدميها في الصلاة ، ولأن تحريم إطالة الثوب عن الكعبين خاصاً بالرجال ، ولا يشمل النساء .
والله أعلم